19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د.الكثيري: مؤسسة الوقف تقدم المنهج الإسلامي الوسطي المتوازن لشعوب أوروبا (1/2)

11 فبراير 2012

* نسعى إلى تعليم وتربية النشء على العقيدة الصافية والدعوة إلى الله بمعرفة ثلة من أهل العلم والفضل

* دورنا توعية الأجيال الناشئة في الغرب بهويتهم الإسلامية وتأسيس مركز إسلامية كملاذ لأبناء المسلمين

* المؤسسة ترى في الوقف خياراً استراتيجياً لتمويل مشروعاتها وبرامجها في ظل انتهاجها للعمل المؤسسي المبني على قواعد الإدارة الحديثة

* المؤسسة تنتهج التعاون المفضي إلى التكامل في العمل الخيري بتكميل النقص وجبر الكسر على أساس من المهنية والموضوعية في تقاسم الأدوار

بات العمل الخيري والوقفي أداة مهمة من أدوات نشر الثقافة الإسلامية، والتعريف بالفكر الإسلامي الوسطي في جميع أنحاء العالم، وفي ظل ما تشهده الشعوب الأوروبية من تراجع وانهيار أخلاقي، نشطت مؤسسة الوقف الإسلامي في المملكة العربية السعودية لتقديم المنهج الإسلام الوسطي المتوازن لهذه الشعوب.

ولأهمية الدور الحيوي لمؤسسة الوقف كان هذا الحوار مع مدير عام مؤسسة الوقف الدكتور محمد بن ناصر الكثيري، واشتملت إنجازات المؤسسة داخل المملكة على برامج تدريبية ومهنية وعلمية وتربوية للشباب بهدف وقايته من الظواهر السلبية التي قد ينغمس فيها البعض.

وتضم مؤسسة الوقف في عضويتها كوكبة علماء ومفكرين من أبرزهم الشيخ "صالح بن عبد الرحمن الحصين" الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وعضو مجلس أمناء المؤسسة، وقد قامت بالعديد من الانجازات في الخارج من بينها بناء المراكز الإسلامية وعقد الدورات التدريبية لتأهيل الأئمة، وتنظيم القوافل الطبية ووضع المناهج وبناء المدارس، وتعليم الناس دينهم ولغتهم ، وإعداد وتخريج المدرسين والأئمة، والتعريف بالحضارة والثقافة الإسلامية ، وتقديم الإغاثة الطارئة والدائمة بجميع أنواعها للمنكوبين والمحتاجين إضافة الى الاهتمام بالمرأة والأسرة، وذلك سعيا إلى بناء الإنسان وفق منظومة أخلاقية، وفيما يلي نص الجزء الأول من الحوار مع د.الكثيري:

** نريد نبذة عن مؤسسة الوقف؟

*مؤسسة الوقف مؤسسة تعليمية دعوية تأسست عام 1407هـ، تهدف إلى تعليم وتربية النشء على العقيدة الصافية والدعوة إلى الله ، يشرف على أعمالها مجلس أمناء يضم ثلة من أهل العلم والفضل، وتعتمد المؤسسة منهج الشورى سعياً للرؤية المستوعبة للقضايا المطروحة، وتدير أعمالها وأنشطتها من خلال لجان متخصصة وجهاز إداري متكامل يعمل ضمن مكاتبها المنتشرة في مناطق عملها وتنتهج المؤسسة سياسة البعد عن النزاعات والصراعات والاتجاهات السياسية والحزبيات الفكرية المختلفة.

النشأة والتأسيس

** كيف كانت الحاجة إلى إنشاء هذه المؤسسة، وما دواعي تأسيسها؟

*بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وفد سيل من المهاجرين إلى أوروبا للعمل من العالم الثالث، ومنه العالم الإسلامي، وكان من الظواهر الملاحظة تدني المستوى الثقافي والأخلاقي لدى الوافدين، وكان أهم عامل في ذلك ضعف الهوية لدى الجيل الثاني والثالث من الوافدين، وعدم إمكانية اكتسابهم هوية جديدة في المهجر وذلك لأسباب عديدة لا يتسع المجال لذكرها.

وقد اهتم بهذا الذين فكروا في إنشاء مؤسسة الوقف إذ كانوا يعرفون أن خير علاج له فيما يتعلق بالمسلمين هو توعية الأجيال الناشئة بهويتهم الإسلامية، ورأوا أن هذا يحقق أهدافاً ومصالح عدة من بينها مصلحة المسلمين بالاحتفاظ بهويتهم الإسلامية ،ومصلحة البلاد المضيفة إذ لا أخطر من وجود عدد كبير من أفراده بدون هوية، ومصلحة البلاد الإسلامية التي وفدوا منها، إذ أن المهاجرين ببعدهم عن الوطن الأم يكونون أكثر قابلية لقبول منهج الإسلام النقي الصافي، ومن هنا رأى المؤسسون وعلى رأسهم الشيخ عبد الله بن عثمان الحصيني، والشيخ "عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء وعضو مجلس أمناء المؤسسة أن ينطلق هذا المشروع من هولندا.

**ولماذا تم اختيار هولندا برأيكم،؟ وكيف مضت المسيرة؟

هناك أسباب عدة لاختيار هولندا منطلقاً لمؤسسة الوقف، منها أنه في ذلك الوقت كان المخاض لميلاد الاتحاد الأوروبي وبالتالي سهولة الوصول من هولندا إلى البلدان الأخرى في الاتحاد بسهولة وبدون تعقيدات، بالإضافة إلى أن هولندا كانت من أكثر بلدان أوروبا استعداداً لقبول التعددية الثقافية وكان سجلها في رعاية حقوق الإنسان من أفضل السجلات.

وتفهم المسؤولون الهولنديون طبيعة المشروع، وساندوه بالدعم المادي حيث بلغت المساعدات الحكومية (80 %) من التكاليف التشغيلية للمدارس التي أنشأتها المؤسسة، وبعد أن تم اختيار هولندا منطلقاً لمؤسسة الوقف برزت الحاجة إلى إقامة مركز يجمع أبناء المسلمين ويحميهم من فتن المجتمع الغربي، وبالفعل تم شراء مبنى وتحويله إلى مركز إسلامي يضم مسجداً ومرافق أخرى وتم تعيين مديرٍ للمركز وإمامٍ للمسجد، وكان هذا المركز هو مركز عمر بن الخطاب في مدينة هلموند بهولندا، وكان ذلك عام 1407هـ.

وانطلقت بعد ذلك أعمال المركز الدعوية وأصبح يؤدي دوره كملاذ لأبناء المسلمين يتعلمون فيه دينهم وعقيدتهم، ويمارسون فيه أنشطتهم وهواياتهم، وكان من أهم ما يميز هذا المركز كونه بعيداً عن الخلافات الحزبية والمذهبية إضافة إلى هويته المعتدلة التي تحمل منهج الإسلام النقي، وتم تشكيل مجلس أمناء مؤسسة الوقف، ليتابع أعمال المؤسسة ويقدم الدعم المادي والمعنوي ويبت في القضايا الإستراتيجية المهمة التي تحيط بالمؤسسة والعمل الخيري.

مجالات العمل

** ما أهداف ومجالات عمل مؤسسة الوقف؟

*تسعى مؤسسة الوقف لتحقيق جملة من الأهداف من خلال حزمة مجالات من بينها، تعليم المسلمين دينهم ولغتهم وإعداد وتخريج المدرسين والأئمة والموجهين لتعليم الناس أمور دينهم والتعريف بالثقافة والحضارة الإسلامية وتقديم الإغاثة الطارئة والدائمة بجميع أنواعها للمنكوبين وتقديم الرعاية والكفالة والتأهيل للمحتاجين والعناية بالمرأة والأسرة، كما تنشط المؤسسة في أوروبا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي للتعريف بالإسلام واللغة العربية باستخدام أحدث الوسائل الفنية والأكاديمية، ومن أبرز مشروعات البرنامج تأليف سلسلة "العربية بين يديك"، وطبع منه أكثر من مائة ألف نسخة وأصبح يدرس في 29 دولة ، وكذلك إقامة دورات تدريب معلمي العربية لغير الناطقين بها، أقيم منها 56 دورة استفاد منها 1730 معلما ومعلمة في إحدى وثلاثون دولة، ويعكف مشرفو المشروع على إعداد المعجم العربي الناطق، يترجم الكلمة إلى عدد من اللغات مع الشرح والصورة، هذا فضلا عن العديد من المشروعات في المملكة العربية السعودية من بينها، تقديم المنح الداخلية للطلاب في كافة المراحل العلمية من الثانوية حتى الدكتوراه، وكذلك توفير الإسكان الطلابية واللجان التكافلية إضافة إلى برامج التدريب والتأهيل.

المفهوم الوقفي

** ما المفهوم الوقفي الذي تنطلق منه المؤسسة ؟

*للوقف مفهومه الواضح في الشريعة الإسلامية ، وهو حبس الأصل وتسبيل المنفعة، كما جاء في الأثر الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن المئة سهم التي بخيبر لم أصب مالاً قط أعجب إلي منها وقد أردت أن أتصدق بها"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "احبس أصلها وسبل ثمرتها" صححه الألباني في إرواء الغليل .

وهذا يشمل بالطبع الأصول الثابتة كالبيوت والمتاجر والحوائط (المزارع) وسائر العقارات، ويشمل كذلك الدواب والآلات وغيرها، فقد روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده فإن شبعه وريه في ميزانه) .

وترى المؤسسة في الوقف خياراً استراتيجياً لتمويل مشروعاتها وبرامجها، في ظل انتهاجها للعمل المؤسسي المبني على قواعد الإدارة الحديثة. فطبيعة المشاريع التي تخصصت فيها المؤسسة كالدعوية والتعليمية تتطلب نفساً طويلاً وتدفقاً مالياً وتطورا مستمراً، لأنها تحتاج لحيز زماني واسع حتى تؤتي ثمارها، وهذا لا يتحقق إلا من خلال الاعتماد على الأوقاف كمصدر أساسي للتمويل.

تطور الطرح الوقفي

** في ظل الحديث عن التجديد والتحديث في الطرح الإسلامي..هل قدمت المؤسسة

اجتهادات ورؤى جديدة للعمل الوقفي لمواكبة العصر؟

تقدم المؤسسة بين الفينة والأخرى أطروحات وأوراق عمل في إصداراتها والمؤتمرات وندوات الأوقاف والعمل الخيري التي تشارك فيها، وتتضمن هذه الأطروحات في العادة مقترحات وآراء حول واقع الأوقاف وسبل تطويرها والمستقبل الذي ينتظرها .

ولدى المؤسسة عدد من المطبوعات التي تبين للراغبين في الوقف الأحكام الأساسية والأطر العامة للوقف في الإسلام، كما أصدرت الإدارة العلمية في مؤسسة بحثاً موسعاً بعنوان "أثر الوقف على الدعوة إلى الله تعالى"، وهو معدٌّ في الأصل لنيل درجة الماجستير في الدعوة والاحتساب من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

كما أن المؤسسة قدمت نماذج وقفية جديدة أصبحت تحتذى كوقف الأم بالمدينة النبوية وغيره، وقد أسهمت في تأسيس مؤسسة متخصصة بإقامة الأوقاف الخاصة ورعايتها وتقديم الصيغ القانونية لها ونشر الثقافة الوقفية والوعي بها في المجتمع.

التعاون والتنسيق

** ما مدى مساحة التنسيق والتعاون بين مؤسسة الوقف ونظيراتها في العالم العربي والإسلامي؟

*تنظر مؤسسة الوقف للتعاون مع المؤسسات الخيرية العاملة في الساحة على أنه ضرورة تحتمها الرغبة في تقديم الخير بأنواعه للمستفيدين، فمتى ما وجدت الرغبة الصادقة وجد التعاون، لأنه يتضمن نوعاً من أنواع التفاهم البعيد عن تجاذب حظوظ النفس.

والتعاون الذي تنتهجه المؤسسة هو ذلك المفضي إلى التكامل في العمل الخيري؛ بتكميل النقص وجبر الكسر، على أساس من المهنية والموضوعية في تقاسم الأدوار، وهو يتجلى في الشراكات التي تقيمها مؤسسة الوقف مع الجمعيات الخيرية المحلية في مناطق عملها وهي تنيف على (40) جمعية في أوروبا الشرقية والجمهوريات الإسلامية، تقدم مختلف الأنشطة والبرامج التنموية والتوعوية والتأهيلية، إضافة إلى المشروعات الصحية والدعوية بحسب تخصصاتها الموضوعية والجغرافية، ويجدر بالذكر هنا أن بعض هذه الجمعيات أسهمت المؤسسة في إنشائها بشكل أو بآخر، كما قامت المؤسسة بعقد العديد من الشراكات مع عدد من الهيئات الدولية والمؤسسات الحكومية كالمشيخات والمؤسسات الدينية المحلية.

ومن الأمثلة على المشروعات التي تحمل بصمات التعاون، قافلة القلب المفتوح للأطفال التي أجريت في كازاخستان عام 1432هـ بالتعاون مع هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، ومركز جراحة المناظير في كوسوفا، والدورات والجولات الدعوية التي أقيمت في دول أوروبا الغربية، ومشروعات إعداد المناهج الدراسية للمعاهد والمدارس الشرعية، وجهود الترجمة ونشر الكتاب، كما قدمت المؤسسة مجمل جهودها الإغاثية إبان الحرب الكوسوفية الأهلية في عامي 1999-2000م تحت مظلة اللجنة السعودية المشتركة التي ينضوي تحتها عدد من المنظمات الخيرية، ولعل آخر هذه الشراكات الناجحة وأميزها ماهو قائم بين المؤسسة والهيئة الخيرية العالمية.

وبإذن الله تعالى تمضي مؤسسة الوقف في تنسيق الجهود مع العديد من المؤسسات الخيرية في الكويت والعالم الإسلامي، ونظرا للرسالة العالمية للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية واهتمامها بتنمية المجتمعات المسلمة وعنايتها بتأهيل الكوادر التقت هذه الرسالة مع التخصص الموضوعي لمؤسسة الوقف والذي يتركز على بناء الكوادر المؤهلة وتنمية المجتمعات المسلمة في أوربا الشرقية وجمهوريات آسيا الوسطى فتم توقيع عقد شراكة استراتيجي يسهم فيه الطرفان حسب الإمكانات المادية والبشرية لكل منهما لتحقيق هذا الهدف المشترك.

بل لا يكاد يخلو برنامج من برامج المؤسسة من صور الشراكة والتعاون والتنسيق، مع جهة من جهات المجتمع.

وفي الجزء الثاني من الحوار نتناول مع د.الكثيري مدي إقبال المتبرعين والممولين على دعم العمل الوقفي وصور الدعم، ودور العمل الوقفي في مسيرة التنمية كشريك حقيقي، واستشرافه لمستقبل الوقف، وحجم العمل الوقفي على خريطة العمل الخيري.

وفقنا الله لصالح القول والعمل ، وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل للدكتور / الكثيري ، لما تفضل به علينا من علمه الوفير راجين المولي تعالى له دوام الصحة والعافيه ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمدلله رب العالمين.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت